أزمة المناخ.. شركات النفط العملاقة في قفص الاتهام

 

    تضاءلت شهية الاستثمار في مشاريع الوقود الأحفوري نتيجة حملات مكثفة نظمها نشطاء المناخ، طوال العقد الماضي، للضغط على الشركات والمصارف والحكومات، كي تتخلى عن شركات النفط والغاز الطبيعي.

لعبت الاعتبارات البيئية والاجتماعية والإدارية دورًا واضحًا في انخفاض الإنفاق الرأسمالي لشركات النفط العالمية في السنوات الأخيرة، وابتعاد المستثمرين عن أسواق النفط والغاز.

أصبحت السوق تهتم حاليًا بأزمة المناخ نتيجة تراجع الإقبال على الاستثمار في قطاع الوقود الأحفوري

ونتيجة انخفاض إمدادات الغاز الطبيعي تلجأ الصين والهند والولايات المتحدة وشرق آسيا وأوروبا لاستخراج الفحم واستهلاك كميات كبيرة منه.

تتعرض الشركات العملاقة للنفط والغاز لضغوط متصاعدة بسبب الانبعاثات الكربونية وتبعاتها المتمثلة في أزمة المناخ، فإلى أين تتجه معركة التحول إلى الطاقة النظيفة قبل فوات الأوان؟

ونشرت مجلة The Economist البريطانية تحليلاً عنوانه "شركات النفط العملاقة هي التي ستُنجِح أو تُفشِل التحول في مجال الطاقة"، ألقى الضوء على تفاصيل الجهود المبذولة لإقناع تلك الشركات بمزيد من الجهود في مجالات الطاقة المتجددة.

وفي ظل تفاقم وتكرر ظواهر الطقس المتطرف، من فيضانات وسيول وجفاف وارتفاعات قياسية في درجة الحرارة، بفعل أزمة المناخ الناجم عن ارتفاع حرارة الكوكب، ترتفع وتيرة هجوم نشطاء البيئة على الوقود الأحفوري واستخداماته، وترتفع المطالبات بالتوسع في مجالات أبحاث واستخدامات الطاقة النظيفة.

هجوم على شركات النفط العملاقة

وفي هذا السياق يواصل نشطاء المناخ انتقاد شركتي إكسون موبيل وشل، إذ كانت هاتان الشركتان وشركات الطاقة الخاصة الأخرى الطرف المتلقِّي في معارك الوكالة والطعون القانونية وأشكال الضغوط الأخرى لإجبارها على التخلي عن النفط والغاز لصالح الطاقة المتجددة، والتقنيات الخضراء الأخرى.

والمقصود بمصطلح أزمة المناخ هو التغييرات طويلة المدى في الأحوال الجوية لكوكب الأرض، وتتمثل الأزمة في الارتفاع الشديد لدرجة الحرارة، وهطول الأمطار بغزارة مُسببةً فيضانات قاتلة، ويحدث هذا التطرف في الطقس بصورة متسارعة، وربما في الأماكن نفسها، ما يؤدي إلى موجات طقس حار وعواصف، وارتفاع منسوب مياه المحيطات والبحار.

2021 بأنه يمثل "جرس إنذار" للبشرية قبل أن يفوت أوان إنقاذ الكوكب من تداعيات أزمة المناخ

من المؤكد أنَّ الشركات العملاقة جداً تمثل هدفاً جذاباً، فلديها شبكات توزيع في كل مكان وعلامات تجارية مشهورة عُرضة لمقاطعات الزبائن، بحسب الصحيفة البريطانية. هذه الضغوط في معظم الأحيان محل ترحيب، فكل فعل قليل له أهميته في المعركة ضد الاحتباس الحراري، لكن في سوق النفط يُعَد القطاع الخاص مسؤولاً عن أقل مما قد يعتقد الكثيرون. وسيعتمد نجاح التحول في مجال الطاقة من عدمه في جزء كبير منه على شركات النفط العملاقة التي تديرها الدول.

تنتج شركات النفط الوطنية معاً ثلاثة أخماس النفط الخام في العالم ونصف الغاز الطبيعي به، مقارنةً بأكثر بقليل من العُشر تنتجها شركات النفط الدولية الكبرى (يُضَخ الباقي من خلال شركات أصغر مستقلة). وتسيطر شركات النفط الوطنية على نحو ثلثي الاحتياطيات المتبقية من النفط والغاز المُكتَشَفين عالمياً.

ما تأثير شركات الطاقة في معركة المناخ؟

ولذا، من المثير للقلق أنَّ سجل شركات النفط الوطنية العملاقة في تخفيض انبعاثات الكربون كان ضعيفاً جداً. ففي حين استقرت انبعاثات الغازات الدفيئة من الشركات الغربية الكبرى أو وصلت إلى ذروتها، ينطبق الأمر ذاته على اثنتين فقط من الشركات التي تديرها الدول: Petrobras البرازيلية وEcopetrol الكولومبية.

وتُقدِّر كافيتا جاد هاف من شركة Wood Mackenzie أنَّ الشركات العملاقة التي تديرها الدول تخصص أقل من 5% من إنفاقها الرأسمالي على التحول في مجال الطاقة، مقارنةً بمتوسط 15% للشركات الأمريكية والأوروبية.

ووفقاً لبحث أجرته آمي مايرز جافي وزملاؤها في مختبر سياسة المناخ بجامعة تافتس، قدَّمت شركات النفط الوطنية في العالم النامي بين عامي 2005 و2020 أيضاً عدداً أقل بكثير من طلبات براءة الاختراع لأفكار الطاقة الخضراء، مقارنةً بمنافسيها الدوليين.

لكن مثلما يشير دانيال يرغين، خبير الطاقة الذي يعمل الآن بشركة s&p Global، وهي شركة بحثية، فإنَّ شركات النفط الوطنية أكثر تنوعاً بكثير من الشركات الخاصة. وتحدد شركة s&p Global عدد 65 شركة بهذا الشكل على مستوى العالم، تتراوح بين تلك المنهارة مالياً مثل شركة النفط الوطنية الفنزويلية، وحتى الشركات المُدارة باحتراف والمُدرَجة ومسؤولة، على الأقل من حيث المبدأ، أمام مساهمي الأقلية ولا عجب إذاً أنَّها تختلف في انبعاثاتها الكربونية.

 

 

المصدر: أخبار الأن

 

العودة إلى الصفحة الرئيسية

رزنامة الإتحاد

جميع الحقوق محفوظة لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية