انطلق اللقاء التضامني الذي ينظمه اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلاميّة دعمًا للإعلاميين في فلسطين، ظهر يوم الأربعاء السادس من كانون الأول/ديسمبر، تحت عنوان "رسُل الحقيقة"، بمشاركة سياسيين وإعلاميين وناشطين حقوقيين.
ورفضًا لمجازر الاحتلال الإسرائيلي واستنكارًا لاستهدافه الإعلام الحرّ، وانتصارًا لدماء أكثر من 70 إعلاميًا قضوا شهداء في فلسطين ولبنان، نظم الاتحاد هذه الفعالية التضامنية بمشاركة وجوه سياسية وزارية ونيابية وحزبية وسفراء دول في لبنان، وممثلين عن المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة، نقابات، محللين سياسيين، إضافة إلى جمعيات حقوقية وإعلامية.
وتكون البرنامج من مجموعة متنوعة من المواد الإعلامية البصرية المؤثرة وكلمات تضامنية وداعمة للشعب الفلسطيني الذي يعاني من حرب اسرائيلية فتاكة منذ شهرين.
حضر اللقاء ممثل وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري مستشاره مصباح العلي، رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، شخصيات سياسية وديبلوماسية وحقوقية وفكرية ودينية لبنانية وعربية، وحشد من الاعلاميين وممثلي وسائل الاعلام اللبنانية والعربية.
بعد آيات من القرآن الكريم والنشيدين اللبناني والفلسطيني، قال ممثل وزير الاعلام: "اسمحوا لي، أن أعبر عن بالغ سروري بالمشاركة في فعالية تضامنية تجمع هذا الحشد المتنوع، دعما للإعلاميين في فلسطين ولبنان تحت شعار "رسل الحقيقة".
اضاف: "لقد بلغت الاعتداءات الاسرائيلية السافرة على الأطقم الإعلامية حدا لا يوصف من الوحشية، وهذا ليس غريبا على إسرائيل بعدم التزامها بالمواثيق الدولية طالما أقدمت على اغتيال متعمد للصحافيين في جنوب لبنان أو في غزة، الأمر الذي ينبغي مواجهته عبر إعلاء الصوت عاليا في المحافل والمنابر الدولية دفاعا عن قيم الصحافة النبيلة وعن الحرية، وهذا ما دأبت وزارة الإعلام القيام به منذ الاستهداف الأول واستشهاد الإعلامي المصور عصام عبد الله وشاء الله أن ينجو من كان معه من موت محتم، والاحتلال الإسرائيلي أكمل جريمته عندما كرر فعلته واستهدف فريق "الميادين" واغتال عمدا الشهيدة فرح عمر والشهيد ربيع معماري" (...)
"و تابع: "ان هذا الجمع الغفير، الذي يكتسب أهمية كبيرة كونه لا يقتصر على المؤسسات الإعلامية، بل يضم النخب الثقافية والفكرية وممثلين عن جمعيات حقوقية ونقابات، وانتهزها فرصة كي أعلن بأنني أملك من الصلاحيات أن أتابع المسير وإعلاء الصوت حتى صدور إدانة واضحة وصريحة بحق إسرائيل على إقدامها عمدا لاغتيال الصحافيين الذين سقطوا على أرض الجنوب، شهداء أبرياء كانوا يقومون بواجبهم المهني".(...) اضاف: "يحاول الاحتلال الإسرائيلي فرض سردية خاصة حول عملية طوفان الأقصى في وسائل الاعلام، بحثا عن التعاطف الدولي الذي طالما شكل العمود الفقري للتوجه الإعلامي الصهيوني منذ نشأة الكيان عام 1948 وفق أساطير أرض الميعاد والوعد الإلهي، غير أن السردية القائمة والمعتمدة على قلب الحقائق وتظهير إسرائيل بأنها دولة تدافع عن حقها بالوجود اهتزت نسبيا حتى في عمق المجتمعات الغربية، وهذا انجاز يعود للدور الإعلامي الرائد الذي تقوم به مؤسسات إعلامية والتوجه الى العالم وإظهار الحقيقة كما هي، فإسرائيل دولة معتدية على شعب وأرض وتحاول تزوير التاريخ والعبث في الجغرافيا، وهذه مهمة تحتاج الى جهد تراكمي والى أداء إعلامي ذكي ومتطور حتى تحقيق الهدف المنشود".
وختم بالشكر للأمانة العامة في اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإعلامية على تنظيمها هذا اللقاء.
بدوره، طلب الامين العام للاتحاد الشيخ علي كريميان "قراءة الفاتحة على أرواح شهداء المقاومة في فلسطين لا سيما الاعلاميين الذين سقطوا في غزة".
وقال: "العالم اليوم يشهد على هزيمة الصهيونية، ومع استمرار المعارك سنشهد هزائم اخرى، وان صمود وصبر شعب غزة حولت الحرب الاسرائيلية عليه الى انتصار استراتيجي للمقاومة".
اضاف: "ان الولايات المتحدة والغرب يسعون لإخراج الكيان الاسرائيلي الغاصب من المأزق الذي وقع فيه، والى إنقاذ هذا الكيان، لكنهم لن يصلوا الى اي نتيجة".
وتابع: "اسرائيل فشلت في كل رواياتها خلال الحرب لتكون رواية المقاومة هي الرواية الاولى والحقيقية، ويمكن القول بشكل قاطع وجازم انه بمشاركة الاعلاميين والمؤسسات الاعلامية والجهد الكبير الذي يبذل بأن الرواية الاسرائيلية وصلت الى حائط مسدود وهي كسرت".
أما عضو المكتب السياسي في القيادة السياسية لحركة "حماس" في غزة غازي حمد الذي خرج من القطاع قبل بدء الحرب بثلاثة ايام، فأكد ان "معركة "طوفان الاقصى حملت شرف الأمة ونبلها في هذه اللحظات الصعبة والقاسية، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع جريمة في التاريخ من بعد الحربين العالميتين".
وشدد على انه "رغم سياسة الابادة والقتل والتدمير والتجويع الذي يمارسه العدو، فإن أهل غزة سينتصرون"، مبدياً كامل ثقته بأن "المقاومة ستطفئ نار الحرب بسلاحها وصمودها ودمها، الى جانب صمود الاعلاميين الشرفاء الذين وقفوا الى جانب القضية الفلسطينية وحملوا في داخلهم كل المعاني الصحيحة والمعاني الواضحة التي لا تزور، فوقفوا مع الحق والحقيقة".
ودان "مساندة الغرب لإسرائيل في اجرامها بحجة انها تحمي نفسها"، مثنيا على "عزيمة واصرار الشعب الفلسطيني رغم جبروت العدو واسلحته والدعم المقدم له".
وقال: "شعبنا الفلسطيني اليوم يسجل انتصارا عظيما، وهو شعب إن لم يهزم فهو منتصر، ونحن على الارض منتصرون بمقاومتنا وبصمود الناس".
اضاف: "الشعب الفلسطيني لا يمكن ان يلام على كل ما يقوم به، والسبب الاول لما يجري هو الاحتلال الذي لا يفهم الا لغة القوة."
وتابع: "ان معركتنا الاعلامية ضرورية وحاسمة لأنها بدأت بتصوير حماس على انها داعش وبأنها معتدية وأنها قتلت المدنيين واغتصبت النساء، حاولوا ان يسوقوا هذه الرواية في كل انحاء العالم ولكن بقوة ثباتنا وبقوة اعلاميينا استطعنا تغيير الصورة وقلبها رأسا على عقب".
وأكد رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين غسان ن جدو أن "صحافة المقاومة اليوم قوية وسردية المقاومة الآن هي المتفوقة والثابتة على صعيد العالم".
وفي كلمة له خلال اللقاء التضامني الذي ينظمه اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلاميّة دعمًا للإعلاميين في فلسطين، اليوم الاربعاء في العاصمة بيروت، اعتبر بن جدو ان "العالم الذي ينتفض الآن بسبب الحرب على غزة ليس بالضرورة أنه يفعل ذلك من أجل المقاومة أو فلسطين بل يفعل ذلك لأجل الإنسان".
وأشار بن جدو الى أنه "لا يجب أن ينصب تفكيرنا على فترة الحرب وإنما أيضا ما بعد الحرب"، داعيا الى أن "يكون محور رسالتنا هي الإنسانية".
من جهته، وأعلن بن جدو عن "تشكيل الشبكة العالمية الانسانية الشهر المقبل في إحدى الدول اللاتينية بهدف خدمة الانسان والدفاع عنه"، داعيا الجميع الى الانخراط فيها.
كما تحدث كل من مدير عام قناة "المنار" ابراهيم فرحات وقال أنّ "ما يجري في غزة اليوم من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، والتي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الآمنين العزل، في ظل صمت مريب من أغلب من بيدهم القرار، بل في تآمر على هذا الشعب الجبار الصامت".
وقال إنّنا "نراهم يمنحون هذا المعتدي المتحرش الفرصة تلو الفرصة، والجسر المتواصل من الدعم بالذخائر المحرمة لتحقيق إنجازه الوهمي بدماء الأبرياء العزل".
ونوّه فرحات بأنّ "الشعب الفلسطيني الصابر أخذ قرارًا بأن لا يمنحكم مجددا تكرار مشهد النكبة الذي تحلمون به بل هو يسطر أبهى صور المقاومة والصمود الممزوجة بالأمل والانتصار، فقد انتصرت المقاومة في معركتها الإنسانية والأخلاقية من خلال ما قدمته من مشهد الأسرى المفرج عنهم ونجحت المقاومة في تقديم نفسها كما حقيقتها حاملة مشروعا حضاريا، إنسانيا، وناقضا لمشروع الغطرسة والتوحش والقتل والإبادة والتهجير والاقتلاع الذي يحمله العدو الصهيوني، ويجاهر به على مسمع ومرأى، العالم الذي يدعي التحضر".
قال مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان محمود حنفي إن هناك معركة لا تقل ضراوة وشراسة عن المعركة الميدانية وهي المعركة القانونية الحقوقية.
وأشار حنفي الى أن "إسرائيل قد جيشت منذ اليوم الأول للعدوان على غزة الإمكانات الدبلوماسية المالية لمحاولة ألا يساق قادتها في يوم من الأيام إلى المحاكم".
ورأى أننا "اليوم نواجه ثلاثة تحديات بهذا الخصوص، وهذا يعني أننا يجب أن نتعامل مع هذه التحديات".
وقال حنفي إن "أول هذه التحديات ما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية، والمدعي العام فيها كريم خان الذي أبدى تعاطفه ودعمه للإسرائيليين والتقى بهم واتهم المقاومة بقتل الاطفال واغتصاب النساء، في حين أنه وقف عند معبر رفح، وأدلى ببيان صحفي وكأنه إعلامي أو صحفي".
واعتبر حنفي أن "هذه الشكوك بمصداقية كريم خان هي تحدي كبير بالنسبة إلينا"، معلنا أنه "من الآن بدأنا بمراسلات للدول الأطراف التي تجتمع في هذه اللحظات وفي هذه الأيام، أكدنا فيها أن كريم خان ليس موضوعيا".
واكد حنفي على اهمية التوثيق، معتبرا أنه هو التحدي الثاني في مواجهة الاحتلال بالشق القانوني والحقوقي".
واوضح حنفي أن المعركة الحقوقية والقانونية تبدأ بالتوثيق، مشيرا الى أن هناك "ملفات بدأت تجهز ويجهز لها بشكل دقيق تتعلق باستهداف الصحفيين الذين استهدفوا عن قصد وبطريقة منهجية".
وبين حنفي أن التحدي الثالث هو الظروف السياسية غير المؤاتية التي نعيشها الآن، مشيرا الى أن "أمريكا تشكل الغطاء والجدار الصلب لمنع إسرائيل من أي مساءلة أو محاسبة".
واكد أن هناك 57 دولة إسلامية بإمكانها أن تمارس ضغوطا دبلوماسية قوية على كريم خان.
وقال حنفي إن التحدي الأخير متعلق بالتحدي الإجرائي، أي أن المحاكمات والمحاسبات والملاحقات قد تستغرق بعض الوقت. منبها الى أن هذا التحدي يمكن التعامل معه من خلال "الإيمان بأن هذا العمل هو جزء من معركة، وهو لا ينوب عن المعارك الأخرى".
ورأى حنفي أن "القانون الدولي الذي هوجم بكثرة خلال الفترة الماضية هو لصالحنا ولصالح شعبنا، مضيفا أن "هذا القانون الدولي بمبادئه وأعرافه يؤيد حقوق الشعوب في مقاومة الاحتلال، يؤيد حرية الإعلام، وأعطانا هذه الحقوق، لكن المشكلة هي سياسية.
وكانت كلمتان متلفزتان لوزير الاعلام اليمني ضيف الله الشامي ورئيس الصحافيين العراقيين رئيس اتحاد الصحافيين العرب مؤيد اللامي، اللذين حيا الصحافيين الذين استشهدوا في غزة ولبنان، وأيدا المقاومة في البلدين.
وتخلل الحفل عرض تقارير مصورة عن شهداء الاعلام في لبنان وآخرهم فرح عمر وربيع المعماري من "الميادين"، والصعوبات التي يتعرض لها الاعلاميون خلال تغطيتهم للحرب على غزة، ومشهدية رمزية لعدد من الاعلاميين والصحافيين تضامنا مع زملائهم الشهداء. وكذلك بثت رسالة من مراسل قناة "الجزيرة" في غزة وائل الدحدوح.
العودة إلى الصفحة الرئيسية